علماء عرب .. غيروا مجرى التاريخ

علماء عرب .. غيروا مجرى التاريخ

أبو القاسم الزهراوى بن يونس المصرى الإصطخرى


لا تنسى الإشتراك فى ميون تون : قناة يوتيوب معلومات شيقة فيديوهات قصيرة

إطلاق اسماء أكثر من ٢٠ عالم عربى مسلم على مناطق فى سطح القمر تقديراً لجهودهم فيما وصلت إليه البشرية من علوم حديثة كانوا هم السبب فى ازدهارها ، فمند أن قدم العرب للبشرية الرقم العددى المعروف تغير معه علم الحساب للأبد وعندما ظهر جابر بن حيان ( ابو الكيمياء) أطلق للعالم أجمع علم الكيمياء المؤصل وفنون الخيمياء الحقيقية ، وكان لإبن الهيثم و النفيس الأثر الأكبر في تطور علوم الطب والفيزياء والهندسة الرياضية ، فقد ساهم علماء الحضارة العربية في تطور كافه العلوم الحديثة اليوم ، تشهد على ذلك مكتبات الحضارة الغربية والشرقية التي ما تزال تحتفظ بكتب العرب في جامعاتها و معاهدها و مكتباتها كمراجع علمية معرفية منقطعة النظير ، و بالرغم من هذا الفضل الذي أنزله الله للعالم على يد علماء العرب ، فهناك الكثير من أجدادنا الذين قدموا للبشرية كلها في تأصيل العلوم الكثير إلا أننا لم نسمع عنهم من قبل إلا النذر اليسير فكان حقا علينا ذكرهم وتوضيح فضلهم ، لنروى لكم قصتهم من زمن بعيد ، هذه قصة ثلاثة من العلماء العرب غيروا مجرى التاريخ ، و بقى علمهم شاهدا على نبوغهم الذى سبق زمنهم ، فمن حق علماء العرب علينا ان نقوم بذكر تاريخهم وفضلهم العلمي على العالم و من حقهم علينا أن نتعرف عليهم و على تاريخهم و إنجازاتهم وجهدهم الكبير فهم أجدادنا و أسلافنا .


العصور الوسطى

إقرأ أيضاً : جريمة قتل .. نهاية الفراعنة

في قلب تاريخ العرب القديم نبدء رحلتنا بسرد قصة في كتب التقويم وفي أول كلمات هذا المقال سنتكلم عن عالم الفلك والرياضيات المعروف بابن يونس المصري و إسمه أبو الحسن علي بن أبي سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس عبد الأعلى الصدفى المصري ، و صدف هي قبيله عربية من حمير نزلت وسكنت مصر ، ولد ابن يونس عام 342 هجرياً  950 ميلادياً في أسرة علمية ، فوالده محدث ومؤرخ كبير يرجع العلماء لكتبه ، حيث كتب تاريخ مصر و وُصف بأنه مؤرخها الأشهر ، كما كان جده عالم فلك و من تلاميذ الإمام الشافعي رحمهما الله ،  ففي بداية حياته حطت الدولة الفاطمية على مصر و أسست القاهرة وعندما علمت بعلمه و نبوغه تم استدعائه للعمل كعالم فلك في بلاط الدولة الفاطميه لمدة 26 سنة ، أسدل له الفاطميين العطاء و أسسوا له مرصداً فلكياً على جبل المقطم قرب الفسطاط ، و كلفه العزيز بالله الفاطمي بعمل جداول فلكية فأتمها في عهد ابنه الحاكم بأمر الله بن عبد العزيز وسماها ( الزيج الحاكمي ) ، والزيج هى كلمة فارسية معناها الجداول الفلكية الرياضية ، وهذا أشهر كتب ابن يونس على الإطلاق فهو كتاب شمل 81 فصلاً ، إعتمدت عليه مصر في توقيع الكواكب ، وتم ترجمة بعض فصوله للغات أجنبية ، فقد كان دليلاً للأعمال الفلكية الكبرى لإحتوائه على ملاحظات دقيقة للغايه لا يمكن رصدها إلا بأدوات حديثة ، من بين أعظم أعماله الفلكية أيضاً أنه حسب بدقة عظيمة ميل دائرة البروج ( قسمت دائرة البروج قديما إلى 12 قسما وسميت بدائرة الحيوانات كالآتي: الحمل؛ الثور؛ التوأمان؛ السرطان؛ الأسد؛ العذراء؛ الميزان؛ العقرب؛ القوس؛ الجدي؛ الدلو؛ الحوت) وذلك بعد أن رصد كسوف الشمس وخسوف القمر و أثبت فيها تزايد حركة القمر وقد كانت هذه الحسابات أدق ما تم كتابته قبل إدخال الآلات الفلكية الحديثة و تقديراً لجهوده الفلكية تم إطلاق إسمه على أحد مناطق سطح القمر ، ولم يقتصر علمه على الفلك وحسب بل برع في حساب المثلثات و تأصيل الرياضيات ، فهو أول من توصل لحل بعض معادلات حساب المثلثات المستخدمه في علم الفلك الحديث ، وله بحوث قيمة ساعدت في تقدم علم المثلثات ، فهو أول من وضع قانوناً في حساب المثلثات الكروية ، وكانت له أهمية كبرى عند علماء الفلك قبل اكتشاف اللوغارتميات وبعدها ، إذ يمكن بواسطة قانونه تحويل عمليات الضرب في حساب المثلثات إلى عمليات جمع ، فسهّل حل كثير من المسائل الطويلة و المعقدة ، الأمر الذى يفاجئك أن بن يونس سبق جاليليو في إختراع بندول الساعة ومراقبته و تدوين ملاحظاته و أطلق عليه رقاص الرياضيات الذي يستخدم إلى اليوم فى مسائل الفيزياء ،  معجزة كتاب بن يونس كانت في الارقام ،  فأرقامه كانت صحيحه حتى الرقم السابع والعشرين ، وهذا يتطلب حواسيب دقيقة ، مما  يدل على دقة حسابية لا مثيل لها ، وكان المصريين يعولون فى تقويمهم على زيج بن يونس لفترة طويلة ، لقد كان شعلة عربية خالصة لم تذكره كتب هذا الزمان ، توفي رحمه الله سنة 401 هجرياً 1009 ميلادياً .



إقرأ أيضاً : أوكرانيا ... ساحة حرب روسية امريكية

نقلب صفحات الزمان فنجد عالماً عربياً آخر ، هذه المرة علم الأرض والخرائط ، قصة رحال طاف الأرض بمختلف المناطق ، الإصطخرى هو أبو القاسم إبراهيم محمد الكرخى من رواد علماء الجغرافيا ، نشأ في الاصطخرة و نُسب إليها ، ألف كتب صور الاقاليم و مسالك الممالك ، حدد المؤرخين تاريخ ميلاده بين القرنين الثالث والرابع من الهجرة الشريفة الموافق القرن العاشر من الميلاد ، نشأ محباً للعلم مُجداً في طلبه ، أحب الترحال ، فأرتحل يطوف البلاد ويدرس أقوامها ، بداية من بلاد العرب و أقطار آسيا وكثيراً من بلاد العالم الإسلامي وصولا ً إلى سواحل المحيط الهندي ، فدّون الملاحظات والمشاهدات و أظهر الإختلافات بين الاقاليم وطبيعتها ،  إشتهر بالأمانة العلمية و التقوى و الورع و الإنصاف ، ظهر تفرده في إعتماده على المنهج الديني والعلمي القائم على القياس والإستقراء المستند على القياس و المشاهدة و التجربة ، وهذا في دراسة شكل الارض الحقيقي وجغرافيتها ، فكان من أشهر العلماء و أول جغرافي عربي يصنف البلاد ، ساهمت جهوده في تقدم علم الخرائط و إكتشاف المناطق ، فكان له السبق في المدلول الجغرافي والثقافي عند دراسة البلدان المختلفة ، كما قدم عناية فائقة بدراسة المد والجزر ، و قدم نظريات مهمة في علم الأنواء ( العلم الذي يختص  بالفلك والنجوم من جهة و علم الجغرافيا الفلكية من جهة أخرى ) ، و صحح الأخطاء الجغرافية التي وقع فيها سابقيه ، ترك مصنفات فردية لم يصلنا منها سوى كتابين هما كتاب صور الاقاليم و الذى ألفه على اسم كتاب لأبي زياد البلخى ، وكتاب مسالك الممالك الذى تمت ترجمته لعدة لغات حول العالم ، و كان مصدر مهم في علم الجغرافيا ، و يعتبر أول ما كُتب فى علم الجغرافيا ، فذكر ممالك الأرض و أقاليمها بما فيها بلاد الإسلام و قسّم الأرض إلى عشرين إقليما ، ذكر كل إقليم بمدنه و بحاره وجباله و حدوده البحرية ، فكان كتابه محط إهتمام الشرق والغرب لقرون عديدة وبقى كجوهرة ثمينة حُفظت في مكتبات العالم ، فكان عمله فريداً من نوعه وكان له الفضل في كشف شكل الارض الحقيقي بعيداً عن الأكاذيب و الأهواء ، و أول عربي يُعتد به كعالم جغرافيا ، توفى في الهند في القرن الرابع الهجري .



إقرأ أيضاً : كرة القدم و العلم

و فى الأخير مع درة تاج علماء العرب ، أعظم الجراحين والأطباء العرب والمسلمين الذين عاشوا في الاندلس ، أبو القاسم خلف بن العباس الزهراوي ، المولود في قرطبة سنه 320 هجرياً الموافق 936 ميلادياً خلال عصر النهضة والعصور الوسطى في أوروبا ، طرح ما يزيد عن 30 مجلد ، غطى فيها كل من علم الجراحة والولادة و طب العيون والصيدلة وأمراض النساء ، فكان أول عالم عربى يؤكد على أهمية العلوم الطبية ، فأكتشف أهمية القطن للسيطرة على النزيف أثناء الجراحة ، كما أستخدمه كحشوة للجبيرة في الكسور .


أدوات جراحية

إقرأ أيضاً : تفكك أوروبا ... بداية النهاية

و أستخدم أدوات الطعام و الشمع و الكحول في ايقاف نزيف الجمجمة أثناء الجراحة و أستطاع وصف آلية عمل الشرايين في الجسم ، و أول من أجرى عملية ربط لشريان مقطوع ، و أول جراح تعامل مع الحمل خارج الرحم ، و أول من أجرى عمليه للقصبة الهوائية و وصف آلية فتحها جراحياً رغم خوف من سبقوه من هذه العملية الجراحية الخطيرة ، و أول من أجرى عملية لإزالة حصوة المثانة البولية ، و أول من إبتكر أدوات لنشر العظم البارز و المقصات الدقيقة المستخدمة إلى اليوم في الجراحات الدقيقة كجراحة العيون و أستخدم المادة المستخدمه في الخيوط الجراحيه و إستغل خاصيتها للذوبان تلقائيا في جسم المريض في صناعه أول كبسولات دواء معروفة و أول من أجرى عمليه القسطرة و وصف إجرائها و صنع الخيوط الخاصة بالعمليات الجراحية من أمعاء القطط و أستخدامها في جراحة الأمعاء ،و  شرح كيفيه خلع الاسنان و ابتكر آلات لجراحة الفم ، و اخترع آلة لاستخراج الجنين الميت و أول طبيب استخدم الآلات الخاصه التي تهدف الى توسيع عنق الرحم ، إبتكر وصمم أكثر من 200 الجراحيه مازالت تستخدم حتى اليوم فى غرف العمليات الجراحية ،  ولذلك هو الأب الحقيقي لعلم الجراحة الحديث ، توفي رحمه الله في قرطبة عام 401 هجرياً الموافق 1013 ميلادياً .


الكاتب م : محمد توفيق 

إقرأ أيضاً :

تعليقات