جريمة قتل .. نهاية الفراعنة
جريمة قتل .. نهاية الفراعنة
لا تنسى الإشتراك فى ميون تون : قناة يوتيوب معلومات شيقة فيديوهات قصيرة
شفت مومياء قبل كده ؟ كان إيه إحساسك ؟ كنت بتشوفها إزاى ؟ مجرد جثة ، مجرد فن ؟ مجرد تاريخ ؟ عمرك فكرت في المومياء على إنها إنسان عاش وشرب و أكل ، إتجوز و خلف ، يمكن كان ملك أو متأمر على ملك ، ملك عظيم أو أب عظيم ، زوج أو قائد عسكرى ؟ ، هو ده اللى أنا جاى أقوله ، تعالى معايا نتكلم عن مومياء فرعونية نشوف فيها رحلة ملك فى حياته ، المومياء اللى لقتها عيلة - عبد الرسول - ، العيلة اللى عاشت في الأقصر سنة 1871 و فضلت المومياء دي هي و 50 مومياء لشخصيات فرعونية مرموقة سر للعيلة لمدة عشر سنين محدش يعرفه غيرهم ، خبيئة الدير البحري - أعظم إكتشاف آثرى لا يضاهيه عظمة سوى إكتشاف مقبرة توت عنخ آمون -المقبرة اللى إتبنت في زمن تداعي الدولة الفرعونية القديمة ، ومع سقوط دولة بحجم الدولة الفرعونية اللي ظل حكمها قرابة 3000 سنة زاد معها نهب المقابر الملكية ، كل المقابر بقت المكان المفضل للحرامية ، دا حتى الأحفاد سرقوا مقابر أجدادهم ، فى الوقت ده الكهنة حسوا بخوف كبير على المومياوات واللي كانت تعتبر وسيلة الأجداد للوجود فى الحياة الآخرة ، و فعلاً تم نقل المومياوات الملكية من مقابرهم لمقبرة واحدة ، المقبرة المعروفة باسم المقبرة 320 ، ضمت ملوك من أول الأسرة 17 لحد الأسرة 21 ، ملوك زى أحمس و رمسيس الأول والثاني والثالث و تحتمس الأول والثاني و الثالث و أمراء و نساء من العائلات الملكية و رجال دين و كمان 9 مومياوات مجهولة الهوية واحدة منهم أطلق عليها المجهولة E ، بس اللي أنا جاي أتكلم عليها الأول هى مومياء رمسيس الثالث .
إقرأ أيضاً : هل تنجذب النساء للرجال ؟ لماذا ؟
اللى كان شكلها غريب بسبب لفائف الكتان الكتير حولين رقبتها اللى الواضح إنها بتخفى سر كبير ، رمسيس الثالث هو آخر الملوك العظام فى مصر ، ابن مؤسس الأسرة 20 ، الراجل اللي مخدش نصيبه من الشهرة زي رمسيس الثاني أو تحتمس رغم إنه كان قائد عسكرى قوى وحاكم ذكى أنقذ الدولة الفرعونية و مد فى عمرها لأكثر من 500 سنة كمان ، الملك اللى حكم لأكثر من 30 سنة ( 1186 - 1155 ق.م ) و أثناء تساقط ممالك و حضارات العصر البرونزي أمام هجوم شعوب البحر ( حاجة زى التتار كده ) قدر إنه يواجههم و يهزمهم فى معركة كبيرة و ينهى نفوذهم فى المنطقة و يواجه ملوك ليبيا و يهزمهم هما كمان و يوسع نفوذ دولته عشان تبسط مصر سيطرتها و لآخر مرة فى زمن الفراعنة العظام على بلاد الشام ، رمسيس الثالث مات موته دائماً أحاطها الغموض ، الموتة اللي حكت عنها واحدة من وثائق البردى المعروفة بإسم مؤامرة الحريم - البردية المعروضة بمتحف تورينو للآثار المصرية - بتوضح مؤامرة كبيرة تورطت فيها قيادات عسكرية و دينية و واحدة من زوجات الملك رمسيس الثالث وتدعي ( تى ) وأحد أبناء الملك ( الأمير بنتاور ) في محاولة للتخلص من الملك ، البردية تكلمت بغموض كبير عن مصير الملك رمسيس الثالث بس الواضح إنها كانت وثيقة حقيقية لمؤامرة حقيقية تم صياغة كلماتها بحذر شديد ولكن تظل كلماتها ( لقد إنقلب المركب الملكى) كلعنة و دلالة على نهاية الدولة الفرعونية للأبد بنهاية آخر الملوك العظام ، و كأنها نبوءة سبقت زمانها ، و كأنها حية إطلعت برأسها لترى نهاية الفراعنة العظام للأبد ، الزوجة اللى مقالتش البردية مصيرها كان إيه وبكده مصيرها ظل مجهول للأبد ، بس المؤكد إنها إختفت من مشهد الأحداث بعد المؤامرة دى .
إقرأ أيضاً : رولزرويس ... شركة المعجزات
بس فيه كمان مومياء لها قصة مختلفة ، المومياء المجهولة E المعروفة بإسم المومياء الصارخة اللي دائما تعابير وشها أثارت الرعب فى قلب كل زوار المتحف المصري بالتحرير لصدق تعابير الصرخة ، كأن الزمن تجمد عند لحظة صرخة صاحبها ، المومياء المكتشفة أيضاً في مقبرة 320 ( خبيئة الدير البحرى ) واللي كانت على غير عادة المومياوات المصرية مش ملفوفة بكتان أبيض يعكس تقديمها للعالم الاخر فى أفضل حالة ممكنة ، إنما ملفوفة في جلد ماعز و اللي كان المصريين بيقولوا عليه إنه نجس كدلالة على تحقيرهم لصاحب المومياء دى ، المومياء اللى الواضح إنها مشفتش عملية تحنيط محترمة لا من حيث إزالة أعضاءها الداخلية زى باقى المومياوات و لا من حيث تقديمها بشكل مثالى على غير عادة المومياوات المصرية ، بل على العكس أيدها ورجليها كانوا مربوطين بحبل من الجلد وعلى رقبتها آثار حبل - الحبل اللى هيبقى دليل كبير - كما لو أن صاحبها تم شنقه و الإعتقاد السائد لدى علماء المصريات إنه تم تجفيف الجثة بإستهتار كبير فتم الإكتفاء بوضعها في ملح النطرون ثم صب الراتنج داخل الفم المفتوح بدون الإلتزام بالإجراءات التقليدية للتحنيط ، بس وجود مومياء بالشكل ده فى مقبرة مفترض إنها مقبرة ملكية من الطراز الأول أثار تساؤل كبير جداً ، صاحبها مين ؟ وليه تم تقديمه بالشكل المهين ده ؟ وليه تم وضعه مع ملوك ؟ ومع تطور العلم وفى محاولة لمعرفة أصل كل المومياوات فى المقبرة 320 و العلاقة بينهم ، تم اللجوء لتحليل الحمض الوراثى DNA والمفاجأة إن المومياء الصارخة المجهولة E يرجع نصف حمضها الوراثى للملك رمسيس الثالث ، بمعنى أدق المومياء الصارخة هى مومياء ملكية لأمير بن رمسيس الثالث ، الأمير المعروف بإسم الأمير بنتاور المذكور في مؤامرة الحريم .
تعالى بقى نربط الكلام كله ببعضه و نحكي الحكاية كلها من الاول ، الحكاية اللى كان ضحيتها ملك عظيم في أواخر حكمه تأمرت عليه زوجته في محاولة منها لقلب نظام الحكم عشان إبنها يوصل للحكم بدل الوريث الشرعي ( رمسيس الرابع ) ، المؤامرة اللى تورط فيها رجال من البلاط الملكى عشان تنتهي بقتل الملك عن طريق مفاجئته من الخلف بسلاح حاد زى الخنجر مسببة جرح كبير كشفت عنه الأشعة المقطعية اللى اتعملت لمومياء برمسيس الثالت - اللى العلماء حاولوا من خلالها معرفة السر وراء لفائف الكتان الكتير حواليين رقبة المومياء - ، الجرح اللى تم اكتشافه تجاوز طوله 3.5 سم ، كان عميق لدرجة أنه وصل للفقرة الخامسة و السابعة من العمود الفقري و نتج عنه قطع جميع الأعضاء الحيوية الموجودة في منطقة الرقبة بما فيها البلعوم و القصبة الهوائية و الأوعية الدموية الرئيسية ، وظهر فى الأشعة 3 تمائم وضعها المحنطين على حافة الجرح كنوع من أنواع الحماية والشفاء فى العالم الآخر طبقاً للإعتقاد القديم وقتها ، و زي ما وضحت بردية مؤامرة الحريم تم معاقبه المتورطين بأحكام تتراوح بين الإعدام و الجلد و السجن و قطع الأنف و الأذن و الإنتحار ، كل واحد و دوره في الجريمة .
المؤامرة اللي فشلت لأن الوريث الشرعى الملك رمسيس الرابع قدر إنه يوصل للعرش وينفذ الأحكام على كل المتورطين و يجبر أخوه الخائن أنه يشنق نفسه - وهو ده سبب آثار الحبال على رقبة المومياء الصارخة - و تقديمه للعالم بشكل غير لائق عشان يبقى نصيبه هو الجحيم الأبدي بلفه بجلد الماعز حسب اعتقاد المصريين القدماء ، المؤامرة اللي كتبت نهاية امبراطورية عريقة ، لأن رمسيس الرابع و أخواته من بعده رمسيس السادس والسابع لحد رمسيس 11 فشلوا في وقف نزيف الدولة ، و كأن ما تم قطعه في ليلة مقتل والدهم مش رقبته إنما رقبة الدولة الفرعونيه للأبد ، الليلة اللى من بعدها محدش قدر يوقف النزيف ده ومع وفاة آخر ملك عظيم ينتهي عصر و يبدء عصر الإضمحلال الأخير اللي بدأ بإعتلاء العرش الفرعوني ملوك من خارج مصر ، ملوك ليبيين و نوبيين و بعد كده إحتلال فارسى و بعده دخول الإسكندر الاكبر سنه 332 ق.م لتنتهى مصر العظيمة كمقاطعة رومانية زيها زى غيرها من المقاطعات الرومانية .
إقرأ أيضاً : حرب الصين المرعب ... قنبلة جديدة مرعبة
بكده جريمة قتل سببها الطمع فى الملك ، ابن يقتل أبوه تبقى هى جريمة القتل اللى بسببها إنتهت إمبراطورية عظيمة قدمت للعالم قدر كبير من العجائب ، مش بس حجارة وتماثيل ، إنما قصص وحكايات تحكى تاريخ ، توضح فيه قد ايه ممكن الإنسان يتجرد من إنسانيته و يقتل اعز الناس حواليه من غير ما يدرك أنه حياته واقفة على حياتهم ، وان موتهم معناه موته هو كمان .
تعليقات
إرسال تعليق