الشمس ... جحيم الأرض

 الشمس ... جحيم الأرض



ليه إيلون ماسك و چيف بيزوس عندهم هوس شديد بالذهاب للمريخ والبحث عن كواكب ثانية صالحة للحياة بديلة عن كوكب الارض ، الحقيقة إن إجابتهم كانت دائماً غير مقنعة خاصة إنهم بيقولوا إن الارض معرضة للأخطار ، الأخطار دى اللى كانت دائما فى إعتقادى هى إحتمالية الحروب النووية و التلوث الكبير على الأرض بسبب البشر ،  من وجهة نظرى بشوية عقل ممكن نقدر نتجنب هذا المصير وإصلاح كوكبنا وده هيكون غير مكلف مقارنة بالبحث في الفضاء الواسع ، لكن مع شوية بحث هتلاقي فعلاً إن ٱيلون ماسك عنده حق فى التفكر بالشكل ده لأن ممكن للبشر السيطرة على أنفسهم و بكده ننقذ كوكبنا ، بس على الرغم من ده فمن رابع المستحيلات السيطرة على الطبيعة الجامحة أو حتى ترويضها لأنها غير متوقعة وعفوية و قوية بشكل مفرط ، ويمكن أحد الاشكال الغير متوقعة دي غير النيازك اللي ممكن تتساقط على الكوكب مسببة فناء الحياة عليه ، الشمس اللي عندها من القدرات ما يؤهلها لأن تسمى جحيم الأرض وده بسبب ظواهر شمسية عنيفة المعروفة بالتوجهات أو العواصف أو الرياح الشمسية ، اللي تقدر تدمر شبكات الكهرباء و النت العالمية ، من الممكن تخيل إنها أحداث نادرة و مستحيل تحصل ، وعلى الرغم من ندرتها إلا إنها حصلت أكثر من مرة خلال ال 150 سنة اللى فاتت ، و بالرغم من جهلنا بيها إلا إن تأثيرها فى وقتها أجبرنا على ملاحظتها والبدء فى دراستها ، و فى كل مرة كانت الأرض تنجوا بشكل عجيب جدا.



طب التوهجات أو العواصف الشمسية .. . عباره عن إيه ؟ و إيه أهميتها ؟ ومدى قدرتها على التدمير ؟ و تاريخها ؟ طب إيه بالضبط اللى حصل سنة 1859 ؟ و إزاي كانت هتبقى هى السبب في حرب نووية في الثمانيات ؟ و إزاي ضابط في الإتحاد السوفييتي أنقذ البشرية وقتها ؟
فى ظاهرة طبيعية معروفة باسم الشفق القطبي ، هى واحدة من الظواهر الساحرة على الأرض بتظهر بس فى القطبين الشمالي والجنوبي ، الظاهرة اللي بتجذب كثير من الناس لزيارة الدول القطبية زى أستراليا ونيوزيلندا و الأرجنتين و النرويج و ايسلندا و السويد ، الشفق ده هو  نتيجة إصطدام التوجهات الشمسية بالأرض بإستمرار بس بكميات بسيطة غير مؤذية لأي من تكنولوجيا العالم الحالي وكل اللى بتعمله هو الشفق الجميل ده ، بس سنة 1859 الجمال ده كشر عن أنيابه لما حصلت كارثة كبيرة لما تعرضت الأرض وقتها لتوجهات شمسية قدرت ب 32 ضعف الكميات المسببة للشفق الشمسى.


فى السنة دى وصلت قوة التوهج  الشمسى لدرجة جعلت الشفق يظهر في أماكن ولأول مرة على مدار التاريخ مدن زي باريس و لندن و دلهي و طوكيو و بكين ، البشر ساعتها كانوا منبهرين بهذا الجمال ، والبعض الآخر شاف إنها لحظة قيام الساعة ، شافوا فيها نهاية البشر ، و على الجانب الاخر التوهجات دي وبسبب قوتها دخلت على شبكات الكهرباء في دول و أتلفت خطوط التلغراف اللي كان وقتها أهم وسيلة إتصال ( حاجة زي الانترنت دلوقتى )  أجهزة التليغراف مقدرتش تستحمل الطاقة الناتجة عن التوجهات الشمسية حتى لو كانت مفصولة عن الكهرباء و أحيانا تشتغل وتعطي إشارات وهمية ، الحدث ده يعتبر هو المقياس اللى العلماء بيقارنوا بيه دلوقتى ، الحدث المعروف باسم  Carrington event  وسبب هذه التسميه يرجع للعالم البريطاني ريتشارد كارينجتون لأن هو كان أول المتابعين له ،  لما كان بيدرس البقع الشمسية من خلال التلسكوب الخاص بيه ،  ولما الكارثة دى حصلت كان هو اول واحد يلاحظ ومضات غريبة خرجت من البقع الشمسية فربط بين الومضات وبين الحدث الكبير ده على الأرض ، ونشر الكلام ده بعد كده وطلع كلامه مضبوط ،  بعض الدراسات الامريكية تتكلم مؤخرا عن إن إذا الكوكب تعرض لموجة بنفس قوة كارينجتون فقد تكون النتائج مأساوية على كوكب الارض ، فعلى حسب شهادة الدكتور بيتر برى peter pry المدير التنفيذي للجنة النبضات الكهرومغناطيسية فى الأمن القومي الامريكي قال إن النتيجة المبدئية لحاجة زي كده هتكون موت 90 % من الشعب الامريكي مش بسبب الكهرباء إنما بسبب الجوع و المرض و الإنهيار المجتمعى اللى هينتج عن دمار شبكة الكهرباء وعلى حسب دراسات من بعض العلماء بيقولوا إن الارض المفروض تتعرض لحدث من النوع ده كل 100 سنه ، فيبقى السؤال أنه من سنة 1859 محصلش حدث زيه ؟ إزاى ؟ الحقيقه لاء لأن إحنا شفنا كثير و يمكن آخر حاجه تم رصدها بقوه حدث كارينجتون كانت سنة 2012 ، لما القمر الصناعي استيريو STERO بلغ عن  عاصفة شمسية كبيرة جدا قوتها تماثل قوة كارينجتون لكن من من ستر ربنا و أثناء دوران الارض حول الشمس العاصفة مرت بسلام بجانب الارض و إذا كان مقدر وقتها اصطدامها بالأرض فكان الوضع على الارض كارثي من سنه 2012 لوقتنا الحالي .



هنا في سؤال مهم جدا منين هذه الموجات مدمرة للاجهزة الكهربائية ومنين قمر صناعي زي ستيريو هو اللى رصدها ؟ و كان أداة مهمة لمعرفتنا بهذه الموجات رغم إحتوائه على أجهزة تعمل بالطاقة الكهربائية ؟ بعض العلماء بيقولوا إن تأثير الموجات الشمسية في الفضاء بيكون أضعف من تأثيره على الارض ،  ومن الممكن إنها لا تؤثر على الأقمار الصناعية لانها مصنوعة بطريقة تحميها من التوهجات الشمسية ، زائد إن في حالة حدوث هذه الموجات فمشغلين الاقمار الصناعية الضعيفة أو القديمة و الغير قادر على الصمود في وجه هذه الموجات بيعملوا بعض الإجراءات المتبعة ( مناورات ) لتجنب الإصطدام بالتوهجات .

احنا هنا بنتكلم عن خسارة بالمليارات فكان لابد من حمايتها مع أهمية رصد هذه التوهجات ،  بس خلي بالك إن الاقمار مش بتقدر تحمي نفسها تماماً أمام  التوجهات الشمسية ، صحيح إنها بتقدر تتجاوزها ولكن مع وجود تأثيرات سلبية عليها في شكل تشويش وخلل في نقل البيانات و إضطراب فى الإتصال مع المراكز الارضية ، وبدون التقليل من تأثير هذا التشويش لأننا بسببها كنا على أعتاب حرب نووية ، الحرب اللى كانت ممكن تحصل بسبب تهور أمريكا أو الاتحاد السوفيتي فى زمن الحرب الباردة ، القصة اللى بدايتها كانت يوم 26 سبتمبر سنه 1983 لما المقدم ستانسلاف بيتروف Stanislav Petrov الموجود في مقر المراقبة السوفيتية المركزية وأثناء عمله كمراقب لأجهزة الكمبيوتر اللي بتحليل البيانات المرسلة من الاقمار الصناعية اللي بتراقب المجال الجوي لأمريكا لرصد أي صواريخ قادمة من أمريكا وعلى منتصف الليل يسمع دوي صافرات الإنذار مع رسالة من  الكمبيوتر بتقول انه تم رصد 5  صواريخ منطلقة فى إتجاه الاتحاد السوفيتي ، و على الفور المقدم بيتروف إتصل على مهندسين الكمبيوتر للتأكد من صحة المعلومات ،  بس هما أكدوا أنه خطأ الكمبيوتر غير وارد و إن الرسالة صحيحة 100%  ، وكإجراء متبع فى هذه الحالات اتصل بيتروف تليفونياً على الفور بخبراء فنيين مسئولين عن الرادارات الارضية و لكنهم نفوا رصد أى علامات لصواريخ قادمة على شاشات الرادارات ، وهنا المقدم بيتروف أخذ واحد من أهم القرارات فى تاريخ كوكب الأرض وقتها ، و بعد التفكير لمدة دقائق قرر الاتصال على القيادة المركزية لإطلاق الصواريخ النوويه السوفيتية الموجهة لامريكا و أخبرهم بتجنب هذه الإنذارات لأنها غير حقيقية و أنه لا توجد أي صواريخ متجهة نحو الإتحاد السوفييتي .



السؤال بقى إزاي عرف إنها إنذارات كاذبة ؟  الإجابة هو وجود الكثير من الإجراءات اللي لابد من تنفيذها فى مثل هذه الإنذارات للتأكد من وجود صواريخ ومنها الاقمار الصناعية و الرؤية البصرية و الرادارات وأشياء أخرى سرية ، و أن في هذه الحالة فقط الاقمار الصناعية هي ما أكدت إطلاق الصواريخ وبالتالى قرر عدم الاعتماد عليها فقط ، و مع إعتقاد راسخ فى نفسه إن لو أمريكا هتعمل هجوم نووي فلن تطلق فقط 5 صواريخ إنما هتبقى مئات وآلاف الصواريخ ، وبالفعل بعدها تم التأكيد على عدم وجود أي صواريخ و إن كل ما في الأمر هو بعض البيانات الخاطئة المرسلة من الأقمار الصناعية نتيجة تشوش غير معروف المصدر ، ولك أن تتخيل الوضع إذا ما إتخذ المقدم قراره بناءاً على البيانات الخاطئة ، كانت نهاية العالم ستقع سنة 1983 ، الحكايه دي ما هي الا قصة تحكي قوة التوهجهات والرياح الشمسية و مدى قدرتها على خداع أذكى التكنولوجيات البشرية ، وده خلي دول كثير تشتغل على حماية شبكتها الكهربائية ضد هجمات الطبيعة أو الأعمال التخريبية أو الحروب ، و اللى بالتأكيد معناها مصاريف بالمليارات لتنفيذها بالإضافة لاتجاه جديد يقوم على  إطلاق أقمار صناعية حديثه لمراقبة الشمس لدراستها و إرسال إنذارات مبكرة  لاعطاء الدول وقتا كافيا لاتخاذ الإجراءات  قبل حدوث الكارثه مثل فصل كامل الشبكة الكهربائية أو فصل الاجهزة الكهربائيه سريعه التأثر بالنبضات الكهرومغناطيسية أو حتى فصل الأجزاء الغير محمية من الشبكة ، وبالتالي تقلل من الأضرار قدر المستطاع.



و بالفعل تم اطلاق قمر صناعي سنه 2018 ( مسبار باركر )  لدراسة الشمس عن قرب في مدار يبعد عن الشمس 6.5 مليون كيلو متر فقط مع العلم بأن المسافة بين الارض والشمس هى 149 مليون كم ، فالمبهج هو قدرة البشر على وضع قمر صناعي حرفياً يلامس الشمس ، وده اللى بتعكسه التقارير الصادرة من وكاله ناسا اللى بيقول إنهم أطلقوا قمر صناعي بيلمس الشمس حرفياً هيقدر يوفر معلومات كثيرة جداً عن التوجهات والرياح والعواصف الشمسية عن قرب و بشكل مكثف والظواهر الغير معروفة الناتجة عن الشمس ليعطينا ربما الفرصة لإنقاذ البشرية من ذلك الجحيم الراسخ فوق رؤوسنا منذ مليارات السنين .


شاركنا برأيك


الكاتب م . محمد توفيق

إقرأ أيضاً :

المصادر:

تعليقات

إرسال تعليق